ملعب محمد الخامس: بين صدى الجماهير وتاريخ لا يُنسى

ملعب محمد الخامس: بين صدى الجماهير وتاريخ لا يُنسى

في قلب كازا… ينبض التاريخ كرويًا

وسط ضجيج الحياة اليومية في الدار البيضاء، حيث الميناء لا ينام والأسواق الشعبية تهمس بقصص الزمن، يتربّع ملعب محمد الخامس كأيقونة رياضية لا تموت. ليس فقط أكبر ملعب نشط في المغرب، بل مساحة مشبعة بالعاطفة، بالشغف، وبصوت الجماهير اللامتناهي

حين تتحول المدينة إلى جمهور

الدار البيضاء ليست فقط أكبر مدن المغرب اقتصاديًا، بل هي عاصمة الكرة المغربية بامتياز. منها خرجت أندية عريقة مثل الرجاء والوداد، ومنها بدأت قصص لا تنسى في تاريخ الدوري الوطني. عشق الكرة هنا يتجاوز حدود المدرجات، فهو جزء من الهوية الحضرية التي تنبض كل نهاية أسبوع في المقاهي، الشوارع وحتى على أسطح العمارات

البداية سنة 1955: من اسم فرنسي إلى رمز وطني

تاريخ ملعب محمد الخامس يعود إلى سنة 1955، حين بُني تحت اسم « ستاد مارسيل سيردان »، تيمناً بالملاكم الفرنسي المعروف. لكن مع نَسيم الاستقلال، قرّر المغرب إعادة تسمية المعلمة لتصبح رمزًا سياديًا جديدًا باسم محمد الخامس، ملك التحرير

اختيار موقعه لم يكن عبثيًا؛ وسط المدينة، قرب حي المعاريف، ليكون ساحةً تجمع المغاربة في لحظاتهم الرياضية الكبرى

ديربيات تاريخية في ملعب محمد الخامس

من أبرز لحظات هذا الملعب، مباريات الديربي البيضاوي بين الرجاء والوداد. في سنة 2019، عرفت المدرجات انفجارًا جماهيريًا بعد هدف قاتل في آخر دقيقة، فيما شهد ديربي 2021 واحدة من أكثر المباريات جنونًا بتعادل 4-4 لا يُنسى. هذه اللقاءات لا تقتصر على التنافس فوق

الميدان، بل هي معارك جماهيرية فنية تُترجمها « التيفوهات » واللوحات التي تحبس الأنفاس. كل ديربي هو مناسبة وطنية غير مُعلنة يعيشها الجمهور المغربي بكامل تفاصيلها

هذه اللحظات تعكس قوة التنافس داخل الميدان، حيث تكون النتيجة مفتوحة حتى آخر ثانية

البعد الاجتماعي والثقافي للملعب

ملعب محمد الخامس ليس فقط مركزًا للرياضة، بل فضاءً اجتماعيًا يتقاطع فيه سكان المدينة. من حي المعاريف حتى درب السلطان، تشكّل الذاكرة الجماعية للأجيال عبر لحظات عائلية وشخصية عاشوها داخل المدرجات. كثيرون يعتبرون المدرج « مكان تربية »، تعلموا فيه قيم الانتماء، الصبر، والنخوة، تمامًا كما يتعلم الطفل في المدرسة أو الجامع

مدرجات ليست كأي مدرجات

الملعب لم يكن يومًا جدرانًا تُحيط بعشب أخضر فقط. هو حافظة جماعية للذاكرة الرياضية المغربية. من داخله، انفجرت أفراح، وانكفأت أحلام، وتعانقت دموع الانتصار بالخيبة

هنا سُجّل هدف تاريخي في آخر دقيقة

وهنا خيّم صمت رهيب بعد ركلات ترجيح

وهنا جمهور لا يُقهر، غطّى المدرجات بألوان الرجاء والوداد

التجديدات الأخيرة: الملعب الذي لا يشيخ

رغم كِبر سنه، لا يزال الملعب يتجدّد باستمرار. وقد شهد في السنوات الأخيرة تحديثات مهمة جعلته يُضاهي ملاعب عالمية من حيث البنية التحتية.

أبرز التحسينات

إزالة مضمار ألعاب القوى لتقريب الجمهور من الحدث

تركيب مقاعد جديدة وتوسعة القدرة الاستيعابية إلى 67,000 متفرج

تحديث الإنارة، أنظمة الصوت والمراقبة

تجهيز المرافق بأحدث الشروط الأمنية

وبذلك، أصبح الملعب مؤهلًا لاحتضان تظاهرات كبرى، وعلى رأسها كأس العالم 2030.

جمهور يصنع الفرق: رجاء، وداد، وعشق جماهيري لا يُقارن

ما يُميّز ملعب محمد الخامس بحق، هو الجمهور. فـ جمهور الرجاء والوداد ليس فقط متفرجًا، بل جزءًا من « العرض الكروي » نفسه. تيفوهات ضخمة، أهازيج مزلزلة، إبداع بصري وصوتي يجعل كل مباراة هنا أشبه بـ ملحمة شعبية

والدليل؟ مباريات الديربي التي لا تقل حرارة عن كلاسيكو إسبانيا، وتجعل الأنفاس معلّقة بين الدقيقة والأخرى

فحتى خارج الديربي، يبقى الجمهور ركيزة أساسية في خلق أجواء استثنائية كل أسبوع

نحو كأس العالم 2030: ملعب محمد الخامس في الواجهة

ضمن خطة المغرب لاحتضان كأس العالم 2030، عاد ملعب محمد الخامس إلى الواجهة. فرغم المنافسة مع ملاعب حديثة كملعب طنجة الكبير أو ملعب مراكش، يظل هذا الملعب حاملًا لثقل رمزي كبير وتجربة تنظيمية متراكمة

كما أن موقعه وسط العاصمة الاقتصادية يمنحه نقطة قوة استراتيجية، سواء من حيث البنية التحتية أو الطاقة الجماهيرية

أكثر من ملعب … إنه روح وطن

ملعب محمد الخامس ليس مجرد فضاء رياضي، بل ذاكرة حيّة وامتداد وجداني في قلوب المغاربة. فكل من دخل مدرجاته، هتف، صرخ، أو ذرف دمعًا داخله… خرج وهو يحمل جزءًا من القصة

قد يتغيّر الشكل، وقد تتبدّل المرافق، لكن ملعب محمد الخامس سيبقى كما عرفه الملايين: مكانًا تتداخل فيه الذكريات بالصيحات، وتختلط فيه دموع الهزيمة بنشوة النصر. سيظل دونور ذلك القلب الذي ينبض باسم كرة القدم المغربية، حيث كل حجر فيه يحكي قصة، وكل مدرج يردد هتافًا لا يُنسى

ومع اقتراب المغرب من تنظيم تظاهرة تاريخية، يبقى هذا الملعب مرشحًا لأن يكون الراوي الأول لفصل عالمي جديد يُكتب على أرض مغربية

 مستقبل الملعب بعد كأس العالم 2030

بعد كأس العالم 2030، من المتوقع أن يتحول ملعب محمد الخامس إلى أكثر من مجرد فضاء للمباريات. المشاريع المقترحة تشمل ربطه بمراكز تدريبية وتكوين شبابي، إضافة إلى استغلاله في تنظيم حفلات دولية وملتقيات ثقافية. هذه الرؤية تهدف لتحويله إلى قطب حضري مفتوح يربط بين الرياضة، السياحة، والثقافة، في انسجام تام مع مكانته الرمزية وسط كازا

اكتشف المزيد حول الدار البيضاء بطريقة فريد

استكشفها على مراحل، في ساعات العمل وفي لحظات الاستراحة عبردليلنا الصوتي واستمتع بجولة غنية بالمعلومات حول تاريخ المدينة العتيقة ومعالمها المخفية، حيث تأخذك القصص الشيقة في رحلة عبر الزمن لتعيش تجربة تفاعلية لا مثيل لها

 للمزيد من التفاصيل، تابعونا على إنستغرام

لا تفوت الفرصة، احجز الآن وانطلق في مغامرتك السياحية معنا